Tuesday, March 3, 2015

هكذا تربينا وسنظل كذلك !!

هكذا تربينا وسنظل كذلك !!

حينما تكون آمنا في بيتك عندك قوت يومك فأنت بخير ولا شك !! وحينما تكون آمنا في بلدك وعندك قوت شهرك وعامك وتسكن منزلك وتنعم بالكهرباء وتجلس بجوار مدفأتك وتختار طعامك وتركب سيارتك ولديك وظيفتك وأرصدتك فأنت ولا شك في خير وسعة وفضل ونعمة !!
اللحظة التي ستفقد فيها إحدى هذه النعم ستضيق بك الوسيعة وستفقد أنسك بالحياة.. ستعيش متذمرا مكتئبا مضطربا.. بل ستعيش خائفا قلقا متوترا..
لا يسرك قول ولا يسعدك فعل ولا يؤنسك مؤنس.. تخيب كل آمالك في الحياة..
ولكن هل هذه الحياة الهانئة الآمنة التي نعيشها أنا وأنت وهو يمكن أن تنسينا أو تمنعنا أن نفكر في من لا يعيش آمنا في سربه وليس عنده قوت يومه وينتظر طعامه من المنظمات والهيئات الدولية ويكاد البرد يمزق أطراف أولاده الصغار..ألا يحق لنا أن نفكر في أمتنا وبني أمتنا ؟ الفطرة تقول بلى والعقل يقول بلى والمنطق يقول بلى والعرف يقول بلى والخُلق يقول بلى والدين قبل ذلك وبعده يقول بلى ثم بلى..
(إنما المؤمنون إخوة)
[ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به] ولكن للأسف هناك من يقول العكس.. هناك من يقول لنا إياكم أن تهتموا لأحد !! لا تفكروا في غير بني وطنكم !! فكروا فقط داخل الحدود وليس خارجها..دعوا الآخرين يواجهون مشاكلهم ومصيرهم وقدرهم لوحدهم بعيدا عنّا !!هكذا يقولون !! صدّقوا أو لا تصدّقوا !!
إعلاميون وكتاب ومغردون وأفراد من هنا وهناك يقولون ذلك..لم يعد هناك حياء !! هناك صفاقة عجيبة !! يقولون جربنا أن نحب وأن نعطي وأن نهتم وأن نبذل ولكن تعبنا..سئمنا..لا أحد يستحق حبنا ولا عطاءنا [كبرت كلمة تخرج من أفواههم] يقولون لم يعد لدينا قدرة لنحمل هموما لا تخصنا وقضايا لا تعنينا ومآسي لم نكن طرفا فيها !!
تخيلوا أن من يقول هذا مثقفون وشخصيات تظهر بمظهر تنويري تقدمي عقلاني !! هؤلاء ليسوا إلا بقايا أجداث كان أصحابها بشرا..
ليست القضية أنهم تعبوا أو سئموا أو لم يعد لديهم القدرة على تحمل هموم جديدة..
القضية باختصار هي أنهم بدلوا أفكارهم.. غيروا أولوياتهم.. باعوا عروبتهم.. أعادوا برمجة مفاهيمهم.. تحولوا إلى مجرد أصوات تردد وتهرف بما لا تعرف ولذا لا تجد غضاضة في أن تجادل عن الذين قتلوا أهلنا واحتلوا أرضنا وعاثوا فيها فسادا وربما قدمت لجرائمهم الأعذار والمبررات..
هؤلاء لم يعد يعنيهم أن يموت طفل سوري من الجوع أو أن تُغتصب امرأة في العراق أو أن تبقى عجوز فلسطينية في معبر رفح أياما تنتظر إذنا بالدخول إلى بلد عربي !! أو أن يبكيَ يمني حر من قهر الرجال.. لا يذكرون أبدا إبادة مسلمي أفريقيا الوسطى ولا يتحدثون عن بورما إطلاقا..
لا يريدون أن يكون هذا هما عندنا أو أن يحتل جزء من تفكيرنا.. يجتهدون في صدنا وإبعادنا عن أهلنا المستضعفين في كل مكان..
ولتلك الخشب المسندة أقول سيلفظكم التاريخ وسنبقى جزء من أمتنا طال الزمان أم قصر.. مال علينا أو ملنا به.. تعبنا أم لم نتعب.. سيبقى السعودي كما تربى وتعلم في بلده العظيم محبا لوطنه منتميا لأمته وقضاياها وهمومها في المنشط والمكره في العسر واليسر في الغنى والفقر.. وسيظل معتبرا ذلك وساما يعتز به وفخرا يتغنى به..
(وأن هذه أمتكم أمة واحدة)

إبراهيم الحارثي



No comments:

Post a Comment