قبلة
على رأس رجل الأمن..
ليس
لأنهم يقومون بواجبهم ويبذلون كل مايستطيعونه من جهد في سبيل خدمة ضيوف الرحمن..
وإنما لأنهم تغلبوا على ظروف عملهم الكثير والمضني ووقفوا أياما طويلة مرابطين بلا
تعب ولا كلل تحت أشعة الشمس الحارقة في رمضاء مكة ومشاعرها المقدسة..
يتعاملون
مع مئات الألوف من الحجاج القادمين من كل فج عميق.. جاؤا من الحواضر
البعيدة والمدن المتطورة والقرى النائية والأدغال والأحراش والجبال والسواحل..
ضيوف
كرام وأعزاء ولكنهم يختلفون في ألوانهم وأجناسهم وثقافاتهم ولغاتهم وأحوالهم..
كل
واحد منهم له حاجته وطريقته وفهمه وفقهه ومع ذلك تعاملوا معهم بروح أخوية عالية
ونفس طيبة كريمة..
تعاملوا
بطريقة أبهرتنا وأدهشتنا وانتزعوا من خلالها إعجابنا وتقديرنا وحبنا.. ليس لأن ذلك شيئا جديدا
عليهم.. أبدا.. وإنما لأنهم بمواقفهم وأخلاقهم تجاوزوا ظروف الزمان والمكان وأبوا
إلا أن يكونوا بلسما طيبا يداوي حاجة الحجاج وضعفهم..
مئات
الصور بل آلاف الصور العفوية الصادقة المعبرة تُلتقط لهم وهم يتبارون ويتفننون في
خدمة ضيوف الرحمن..
مواقف
كثيرة ومتنوعة تشهد لهم بالعطاء الكبير والخلق الكريم والقلب المرهف..
لم
يتوانوا عن حمل الكبير والصغير وإغاثة الملهوف وإرواء الظمآن وإرشاد التائه..
يرشون
المياه والرذاذ البارد على رؤوس ووجوه الحجاج والابتسامة الصادقة تملأ وجوههم وهم
واقفون بالساعات في الحر والشمس والزحام والأجواء المليئة بالأنفاس والروائح..
كم
أنقذوا من طفل صغير وكم حملوا من شيخ كبير وكم رفعوا من الأرض حاجا منهكا متعبا..
كم
سهروا وتعبوا وتفانوا وكانوا نموذجا مشرفا للبذل والعطاء والرحمة والتفاني
العجيب..
هل
رأيتم تجمعا بهذا الحجم وهذه الظروف وهذا الخليط غير المتشابه يعامله رجال أمن في
مكان من الأرض بمثل هذا اللطف وهذه الروح وهذا الخلق المتألق ؟
إنها
أخلاق الاسلام وآدابه الراقية..
اللهم
أسبغ عليهم فضلك وعطاءك وجودك واحفظهم في أهليهم وأولادهم واكتب لهم الأجر
العظيم..